زميلي الباكستاني
منذ أيام علمت بمرض زميل باكستاني
ودخوله المستشفى في حالة حرجة فنويت ان انهى عملى وأذهب لزيارته عصرا في المستشفى
وفى أثناء ذهابى له وردنى
اتصال انه توفى فأكملت الطريق الى المستشفى ووجدته قد نقل من الإنعاش الى الثلاجة فذهبت
لرؤيته والسلام عليه سلاما أخيرا متوقعا ان أرى وجهه
وجدته ملفوفا في قماش ابيض
يغطيه بالكامل ومحكم حوله لا يظهر منه شيئا
وقفت أمامه دقائق صامتا
استرجع بعض لحظاته معى اثناء نقاشنا في العمل ومدى حيويته وأقارن بين الجسد العارى
الملفوف في القماش الأبيض ويحمل رقما وبين زميلى ذو الصوت العالى والجلبة التي كان
يحدثها أينما حل
انسحبت في هدوء وذهبت للمسجد
حيث سنصلى عليه صلاة الجنازة بعد صلاة العشاء
وبعد الصلاة تبعته في سيارة
نقل الموتى الى المقبرة
نزلت من سيارتي وتبعته
ويحمله بعض الزملاء الى مثواه الأخير
ولكن لبطء حركتي حيث اسير متكئا
على عصاي سبقني الجثمان ومن يحملونه حيث ان القبر كان في اطراف المقبرة الشاسعة
دقائق ووجدتني اسير وحيدا
بين القبور في الظلام لا أسمع الا وقع العصا على الأرض ونظرا لاجهادى الشديد جلست
بجانب أحد القبور التقط انفاسي
اعتادت عينى الظلام وجعلت
ادير بصرى فيما حولى
مئات القبور الساكنة ....
رائحة غريبة تلف المكان .... اقسم انى لم اتبين تلك الرائحة من قبل .... هل هي رائحة
كريهة أم رائحة طيبة ؟
لا أدرى فأظنها هي خليط من
رائحة الأجساد ... أو رائحة الأعمال
هي رائحة الموت
خاطبت الموتى في خشوع .... دعوت
الله لهم .... خاطبت روحى التي أظنها على موعد قريب مع مسكنها بينهم وإن طال الوقت
انسحبت راجعا اسير بصعوبة
اتمتم بدعوات لزميلى وعقلى
شاردا في تلك الرائحة
رائحة أشمها للمرة الأولى رغم زيارتى للقبور مرات عديدة
رائحة الموت
رحم الله زميلى جاويد
ورحم الله الرحال حيا وميتا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.