إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 1 أكتوبر 2017

خجل الشيخ / قصة قصيرة

التقصير / قصة قصيرة
جلس الشيخ شاردا ينظر الى الآفاق صامتا ويتمتم بكلمات غير مسموعة وهو يداعب حبات مسبحته
اقترب منه ابنه قلقا يظن ان أصابه مكروه وهاله أن رأى في عينيه آثار دموع فسأله هلعا
أتبكى يا والدى ؟ أبك وجعا او اصابك مكروه ؟

انتبه الشيخ وقال : ليت الدموع يا ولدى تغسل قلوبنا كما تغسل اعيننا

حاول الابن الشاب ان يمازح والده عسى ان يخرجه من حزنه قائلا
حدثنى يا والدى ألست بكاتم أسرارك ؟ حدثنى أيها الشيخ بما فعلت ويبكيك

تنهد الشيخ واستغفر وقال
أبكى يا ولدى خجلا ثم انفجر في البكاء وجسده يهتز بشدة

ازداد قلق الشاب على والده الشيخ وهو لايدرى ماذا يفعل فاحتضنه قائلا ارجوك حدثنى بما يحزنك عسى ان تجد لدى حلا لما تشعر

هدأ الشيخ وقال
ابكى خجلا يا ولدى .. خجلا من ربى
منذ شهور طويلة كنت أعانى مرضا عضال وكنت اصارع الموت كما تعلم بل انى استسلمت لقدرى وجلست انتظر الموت في سكينة ولكن ربى الرحيم أراد لى أن أعيش لفترة إضافية عسى ان أعمل على تحسين صحيفة أعمالى
واليوم يا ولدى تذكرت ذلك اليوم الذى جلست فيه معتقدا بقرب النهاية مستسلما لمرضى ولكن الرحمن الرحيم أرسل لى يد عنايته بطبيب بارع عالج ما بى من قصور وعدت لأعيش حياة طبيعية رغم انى اتحرك بصعوبة على عصاى الا انى اعيش

أعيش نعم ... ولكن كما يعيش كل لاهى مغتر بالأيام

اليوم يا ولدى تذكرت ما أنا فيه من نعم وسألت نفسى ماذا فعلت بتلك الهبة من الكريم فوجدتنى مقصرا في شكر نعم الله
أذوب خجلا من خالقى يا ولدى

تنهد الشاب مستريحا وقال ليفرج هم ابيه ولكنك يا والدى متعبد مقيم لصلاتك فأين التقصير ؟

تبسم الشيخ رغم حزنه وقال : هذا يا ولدى هو أداء ما علىّ من فروض فأين شكر النعم

ثم أشرق وجهه وقال لقد علمت ما انا بفاعل
سأله الشاب هل ستزيد من صلاتك ؟ تبسم الشيخ وقال
يقول المولى عز وجل
{وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ }المنافقون10
يا ولدى هى الصدقة والعمل الصالح
ثم يقترن بها الاستغفار عسى ان يكون فيه اعتذار عن تقصيرى

يقول الحق تبارك وتعالى
وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ{135} أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ{136} آل عمران

عاد الشيخ الى شروده وهو يتمتم بالاستغفار فانصرف عنه ابنه تاركا اياه في مناجاة ربه وهو يدعو الله ان يبارك له في عمر والده وان يشفق به الرحمن الرحيم 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.