إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 1 يناير 2014

ذكريات الكريسماس وعم عبده القاضى


ذكريات الكريسماس وعم عبده القاضى

اليوم تذكرت الكريسماس وانا طفل صغير والغريب انه ارتبط هذا العام بتذكرى لرجل توفى منذ ما يزيد عن الثلاثين عاما
عم عبده القاضى رحمه الله

اولا دعونا نعود ليوم الكريسماس زمان

كنت اقطن فى الاسكندرية فى حى الازاريطة وهو حى كان به بعض الاجانب من دول اوربية خاصة اليونان وكان من طقوس هؤلاء الاجانب ان يستقبلوا العام الجديد بالقاء كل القديم الذى تم الاستغناء عنه من لوازم البيت
فكنت أرى هؤلاء الأجانب يقف كل منهم فى بلكونة منزله عند منتصف الليل تماما ويلقى فى الشارع اشياء غريبة

اطباق صينى .. زجاجات واحيانا كراسى وقد اخذ المصريون طباعهم مع بعض الزيادة فكنت اجد البعض يلقى الاثاث المكسور والالعاب النارية مثل البمب والصواريخ بل وتفنن البعض فى استخدام علب السمن الفارغة فى ان يجعلها مثل قنابل المولوتوف الحالية

مجرد ساعة واحدة وكنا نجد الشارع وكانه ساحة حرب انتهت للتو مما به من مخلفات ونيران وزجاج مكسور

كان هذا هو احتفالنا ونحن صغار ... مشاهدة الجيران وكل منهم يلقى بمخلفاته واصوات الضحكات تتردد فى الشرفات من كل الجيران

عم عبده القاضى
هو الوحيد الذى كان يؤذيه ما يحدث

فعم عبده القاضى رحمه الله كان عامل النظافة المعين لنظافة الشارع ففى هذا الوقت كان لكل شارع طبقا لمساحته وطوله عامل معين من البلدية وظيفته الكنس وجمع القمامة لهذا الشارع فقط

فكان رحمه الله يبذل جهدا خارقا صباح اول ايام العام فى ازالة اثار جنون الكريسماس ويجمع المخلفات فى اكوام محاذرا من الزجاج المكسور ويحاول ان يجعل هناك ممرا للسيارات تسير فيه

عم عبده القاضى لم يكن بالنسبة لنا مجرد عامل نظافة لا تنتبه له العين كما يحدث حاليا بل كان واحدا من اهل الشارع رغم انه يسكن بعيدا جدا عنه ... كان وكأنه من الجيران وانا احتفظ فى ذاكرتى بكثير من المواقف معه

فقد كنت اهوى معاكسته بان احضر ورقة من كتاب واقطعها الى قطع كثيرة واراها وهى تطير فى الهواء ولكن هذا كان يغضبه فيهددنى بالشكوى لأبى ويظل يجمعها رحمه الله حتى يعود الشارع كما كان

كان الشارع فى هذا الزمن لا تجد فيه حتى قصاصة الورق !!

كان رجلا طيبا جدا بشوشا لا يتوانى عن مساعدة اهل الشارع ويعرف غالب السكان

وفى السنة التى توفيت فيها والدتى رحمها الله اصرت على ان يذبح والدى خروف العيد مساء العيد وقبل الصلاة حتى تستطيع ان تقسم اللحم وتوزعه فى الصباح وبالفعل قسمته فى اكياس ووضعت على كل كيس اسم صاحبه

وتوفيت رحمها الله قبل صلاة العيد بساعات معدودة وظلت الاكياس فى الثلاجة عدة ايام ولما عدنا للمنزل بعد اجراءات الدفن وايام العزاء امرنى والدى ان احمل الاكياس لمن اختارتهم امى وكان منهم عم عبده القاضى

ولما حملت له الكيس فوجئت به يبكى بشدة ورفض ان يأخذه ... وقفت مشدوها وأنا ارى الرجل يهتز من شدة البكاء ودموعه تسيل كطفل صغير وهو يحتضننى ولما اخبرته ان امى هى من وضعت الورقة باسمه ازداد نحيبه وتناول منى الكيس وهو يقبله ويدعو لها بالرحمة

الغريب انه بعدها لم يعد يهددنى بالشكوى لابى عندما كنت اعاكسه بقطع الورق بل يجمعها باسما وهو يدعو لى بالهداية ولامى بالرحمة والأغرب انى توقفت بعدها عن مضايقته ولم اعد امارس هواية قطع الورق

كان رجلا بحق طيبا جدا رجل من الزمن الجميل ... لا أدرى لماذا الان تذكرته وقد توفى من عشرات السنين ؟
 قد يكون قدر الله ان تصله منى دعوات بالرحمة وقد يكون له نصيب من دعواتكم وادعو الله ان يعيننى فاهدى له عمرة قريبة

رحم الله امى ورحم الله عم عبده القاضى ورحم الله اموات المسلمين جميعا
دعواتكم له بالرحمة والمغفرة

وكل سنة وانتم طيبين 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.