إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 17 نوفمبر 2017

ذكريات شيخ على المعاش (1)

ذكريات شيخ على المعاش
( 1 )
على مدار أكثر من أربعين عاما هى عمر حياتى العملية كنت أحلم باليوم الذى أخرج فيه على المعاش ولا يكون مفروضا ان أستيقظ مبكرا للذهاب الى عملى ولا أشغل بالى بمقتضيات العمل او التخطيط لمشروع جديد او التفكير في مشروع قائم بما يحمله من قلق سواء كان من التفكير في مشاكل العمل او الرغبة في تحسينه او حتى من مشاكل مع العاملين معى فيه

كنت أحلم بالجلوس في منزلى في مصر ( أغلب فترات عملى واصعبها كانت خارج وطنى ) اصلى الفجر ثم أقرأ ما تيسر من القرآن وبعدها لا التزم بجدول محدد وكنت احلم ان استقبل ضوء الشمس في شرفة المنزل اراقب الآخرين وهم يهرولون الى مدارسهم او اعمالهم وانا ارتشف قهوتى باستمتاع

استمتاع انى لست مثلهم بل استمتع بمتعة رائعة هى انى اعرف ان من حقى ان انام في اى وقت او اشاهد التليفزيون او اتصفح كتاب

أربعون عاما وانا احلم بتلك المشاعر دون التوقف عن العمل لمقتضيات الحياة وكانت لحظة التوقف عن العمل وبداية المعاش دائمة مؤجلة لأسباب عديدة قد تكون ادخار ما يلزم لتعليم الأبناء وبعد الانتهاء منها  تلتها فكرة الاستعداد لتزويجهم  وهكذا

الى ان جاء يوم وأصبت بأزمة صحية شديدة تهدد حياتى استلزمت اجرا جراحة خطيرة والحمد لله مرت الأزمة بسلام وفى أول يوم يزورنى فيه الجراح البارع الذى قام باجراء العملية يهنئ بالسلامة كان حديثه قاطعا

( آن لجسدك ان يستريح ) لابد وأن تتوقف عن العمل وبذل اى مجهود فقلبك الضعيف لم يعد قادرا على الاستمرار على هذا المنوال بعد ان اضيفت الى متاعبه مشاكل شرايين جسدك المجهدة

يا الله

اخيرا ورغما عنى سأعيش حياة المعاش التى طالما تمنيتها

وبالفعل طوال الشهور الماضية وأنا أعيش في منزلى بمصر لم أغادره الا مرات قليلة جدا لضرورة ملحة

أعيش كما تمنيت
أصلى وأقرأ ما تيسر من القرآن ثم أخرج الى الشرفة ارتشف قهوتى واراقب الآخرين وهم في طريقهم لأعمالهم

وان كنت أضفت لما حلمت به سابقا نشاطا بسيطا في بعض الأيام حسب ما تحتمل ساقى ان تحملنى وهو الوقوف في المطبخ لابتكار صنف جديد من الطعام او طهو صنف من الطعام أعجبنى وكنت تناولته اثناء جولاتى في بلاد الله الواسعة

بالطبع
أصبح لدى الوقت الكافى لتذكر مواقف عديدة حدثت لى اثناء مشوار حياتى بعضها طريف وبعضها مؤلم وبعضها لا استطيع وضع تصنيف له فقد يكون دالا على غباء او على طيبة او على سذاجة .. لا أدرى وسأترك لمن له صبر على قراءة كلماتى ان يصنفه طبقا لما يراه
وعلى سبيل المثال
تذكرت اليوم انى طوال حياتى العملية سواء في مصر او في خارجها كنت أسارع بمساعدة غيرى على الالتحاق بمكان عملى
لم يلجأ الى شخص يوما طالبا عمل في شركة او مصنع أعمل به الا ساعدته في الالتحاق به وجاهدت ليكون راتبه في افضل الظروف

الغريب ان كل ( والله فعلا كل ) من ساعدتهم في الالتحاق بالعمل يكون هو سبب تركى لهذا العمل

اكرر القسم والله ما من شخص كنت سببا لالتحاقه بشركة اعمل بها الا كان سببا في مغادرتى لهذه الشركة

سواء في مصر او في خارجها وعلى سبيل المثال في السعودية ما من مصرى او عربى ساعدته للعمل في شركة اعمل بها الا كان سببا في مغادرتى لها سواء بالوقيعة بينى وبين مالكها او رئيسى فيها

الغريب انى لم اتوقف يوما عن مساعدة الآخرين ولم يلجا لى احد ورددته

ترى هل هذا سذاجة ام غباء
والاغرب انى لست نادما على سذاجتى هذه


والى لقاء قادم مع مزيد من ذكريات شيخ على المعش 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.