إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 25 مارس 2013

شخابيط رحال ( 10 )



شخابيط رحال  ( 10 )
عم زكى
امبارح كنت باحكى لابنى عن عم زكى فى خلال ذكرياتى عن هوايات طفولتى وعم زكى اول واحد يدينى درس انى لا احكم على شخص من مظهره

اهل اسكندرية العواجيز اللى زى حالاتى اكيد لسة فاكرين شارع النبى دانيال ومحلاته التى كانت تبيع الكتب المستعملة

وانا صغير كنت ادخر مصروفى الصغير الذى لا يتعدى قروش قليلة وكلما جمعت ثروة منه .. حوالى عشرة قروش او عشرين اسارع الى شارع النبى دانيال

كان هناك محلات بجوار المعبد اليهودى تبيع الكتب المستعملة
تلك المحلات اصبحت الان بوتيكات لملابس النساء
فى احد تلك المحلات قابلت عم زكى 

صاحب المحل .. رجل عجوز يجلس على كرسى منخفض وقريب منه على الارض عدة الشاى ... سبرتاية وبراد وكوبين وشاى وسكر وزجاجة ماء .... لا يتحرك من مكانه ومن يريد ان يشترى كتاب يحضره له ويدفع ثمنه

المحل مظلم وبه تلال من الكتب .... لا اعرف من يجمعها ومن يرتبها .... فلم ارى فى المحل الا عم زكى

كنت اشترى منه الكتب واحيانا ابيع له ما لا اريد الاحتفاظ به
فى البداية كنت افاصل معه كثيرا وهو بطيبة قلب كان لا يرفض لى طلب 

احيانا اجد عنده مجموعة من الكتب وعندما اسال عن ثمنها  اجده يتعدى مدخراتى فاقول له ببساطة ... عم زكى انا معايا مبلغ كذا هات لى ما يغطيه ولكن اياك ان تتصرف فى الباقى الى ان احضر لك ثمنها
يضحك الرجل العجوز ويعطيها لى ويقول لما تحوش الباقى ابقى تعالى

احيانا كان يعزمنى على الشاى معاه وندردش سوا وكان نقاش شكله غريب بين شيخ يقترب من السبعين وطفل فى الثانية عشرة من عمره

كان يشرح لى اسلوب بعض الكتاب والسمات المميزة لكل منهم ... كان يلفت انتباهى لكتاب لم اسمع عنهم او لم افكر فى القراءة لهم

فقد كنت ابدا مع كاتب ويعجبنى فاستمر الى ان احصل على كل كتبه دون ان انتبه لغيره
عم زكى كان بيوجهنى لغيره وهو يشرح لى اسلوبه فهو اول من اعطانى قصص محمد عبد الحليم عبد الله ... ويوسف السباعى .. ويوسف ادريس فى فترة كنت اركز فيها على نجيب محفوظ وانيس منصور واحسان عبد القدوس 

استمرت علاقتى بعم زكى فترة طويلة وتطور الامر الى انى كنت اذهب له نشرب سويا كوب من الشاى واساله دون ان اتفحص الكتب ما هو الجديد عندك يا عم زكى فيسرد على بعض ما عنده ويعتقد انى قد اجده مشوقا

الى ان جاء يوم وذهبت الى المحل فوجدته مغلقا وسالت الجيران فى المحلات المجاورة عنه فلم يعرفوا عنه شيئا .... لمدة سنة كاملة اذهب الى المحل فاجده مغلقا ولا اعلم اين عم زكى واعاود الذهاب وانا اتمنى ان اجد صديقى العجوز الى ان فوجئت بالمحل يتحول نشاطه

فلم اعد اذهب الى الشارع مجددا فقد كنت لا اجد عند اصحاب المحلات الاخرى او من يقفون على عربات نفس متعة حوارى مع عم زكى

رحم الله عم زكى حيا وميتا فقد علمنى كثيرا واستفدت منه كثيرا

تحولت بعدها الى المكتبات العامة فى الاسكندرية مثل مكتبة البلدية ومكتبة جمعية الشبان المسلمين فى الشاطبى انهل منها ما انقطع بغياب عم زكى ولكنى طوال حياتى ادين له بالفضل
علمنى درس كبير فى عدم الحكم على المظاهر وعلمنى ان استخرج اسلوب اى كاتب دون حتى ان انظر الى الغلاف ( احيانا الكتب كانت بدون غلاف ) وكان متجره مصدرا كبيرا من حصيلة معلوماتى فلم اكن اقرا القصص فقط
صدعتكم ؟؟ معلش .. اسكندرية القديمة وحشتنى اوى
..........................

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.