إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 3 مارس 2013

شخابيط رحال ( 5 )



شخابيط رحال ( 5 )

فى خلال رحلة العمر نتعلم من الناس الذين نقابلهم ونحتك بهم دروس كثيرة المهم ان ننتبه لتلك الدروس فاحيانا تحذث المواقف ولا نأخذ منها عيرة
وفى بداية حياتى وانا طالب عملت فى احد المطاعم بالاسكندرية فى الكنترول وكان عملى يبدا من الصباح رغم ان المطعم لا يبدا فى استقبال الزبائن الا بعد الظهر وكانت فترة الصباح اقضيها مع العاملين فى المطبخ
وكانت بالمطعم بنات تعمل كجرسونات ولكنهم فى الصباح يساعدن فى المطبخ وكانت منهن فاطمة .... فاطمة بحرى كما يطلق عليها ... فى البداية نفرت منها خاصة انها كانت تعاكسنى دائما بهزار مستمر وتطلق على الشيخ الصغنن وكانها تستغرب التزامى وانا فى سن صغير
كانت فاطمة بحرى تكبرنى بعدة سنوات حاصلى على تعليم متوسط وتعمل فى المطعم منذ سنوات
كنت انفر منها وان كان لا يبدو على هذا فقد كانت تضع مكياج بصورة صارخة وملابسها ضيقة وشفافة احيانا
لم اكن ارد على هزارها ولم يكن يعجبنى صوتها العالى او ضحكتها التى تطلقها ولا ملابسها
مع الوقت بدات تتحدث معى باسلوب معقول ثم بدات اتعرف على حياتها فوجدتها حياة بائسة شديدة على نفس الرجال فما بالكم على نفس فتاة فى ريعان صباها فى العشرينات من العمر
والدتها فاقدة للبصر ولها من الاخوة ستة فى مراحل التعليم المختلفة وابوها عامل بسيط جدا لا يكفى دخله للخبز فقط لهذه العائلة وكان عجز والدتها يضيف الى اعبائها المزيد فمطلوب منها الكثير فى المنزل
تساعد والدها بكل دخلها وتقوم على شئون المنزل وتراعى اخوتها فلم تكن تنتهى من عملها فى المطعم الا وتجرى على بيتها لتقوم بعمل لا يقل شقاء عن عملها
حياة صعبة رتيبة .... جعلت فاطمة يائسة من تغيرها ولما ناقشتها فى اسلوبها واسلوب لبسها قالت بنبرة حزينة : يا شيخنا انا فتاة لا امل لها لا زواج ولا عمل افضل ... اتجوز واسيب العيلة دى لمين خلينى افك عن نفسى بكلمة او بضحكة انسى بيها اللى ورايا
..............
المتنى فاطمة جدا ... كنت ارى مدى ما يبدو عليها من مرح وهزار مع الاخرين وانا اعلم ما بها من حزن وحمل يثقل كاهلها فاتعجب
كم هو غريب الانسان وكم نرى من اناس يبدو عليهم اللامبالاة وهى مجرد ستار لحزن دفين ... ستار لا يستطيعون التغلب على حزنهم الا به ... كم كان تاثير فاطمة على نظرتى للناس قويا
فمنذ معرفتى بها لم اعد ارى فى الناس مجرد ظواهر لافعالهم بقدر ما افكر فيما بداخل نفوسهم وكم فى بلادنا من مظاهر البؤس والشقاء وراء لقمة عيش بسيطة
لا ادرى لماذا تذكرت فاطمة وانا ارى الشقاء يضرب بجذوره فى انحاء بلادى هذه الايام بزيادة عما هو معتاد 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.